في إطار التعاون بين المتحف الوطني وسفارة الولايات المتحدة الأمريكية في مسقط، أنهى المتحف الوطني مؤخرًا مشروع حفظ وصون ألبوم الصور الفوتوغرافية الأصلية المُهدى من القنصل الأمريكي في مسقط لويس ماجواير إلى المقيم السياسي في منطقة الخليج الجنر البريطاني سامويل ميلز، والمؤرخ في ( 6 سبتمبر 1885م)، وفي هذا الإطار زارت سعادة/ ليزلي م. تسو – سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية المعتمدة لدى السلطنة المتحف الوطني وكان في استقبالها سعادة/ جمال بن حسن الموسوي – أمين عام المتحف الوطني، للاطلاع على الألبوم الذي يحتوي على صور فوتوغرافية لعُمان والعراق والهند- قام بتصويره لويس ماجواير، وجوزيف فيبودا، وسامويل ميلز.
وتولى فريق الحفظ والصون بالمتحف مشروع تأهيل الألبوم الذي يحتوي على صور تاريخية هامة لعُمان تتضمن أحد أقدم الصور الفوتوغرافية المعروفة لمسقط، وصورًا من داخل القنصلية الأمريكية، وأقدم صور معروفةٍ لمطرح والرستاق وجبرين، هذه الصور تمثل العلاقات التاريخية بين السلطنة والولايات المتحدة الأمريكية، ويُعد هذا المشروع أحد ثلاثة مشاريع في منطقة الشرق الأوسط، والتي تبناها مكتب سفارة الولايات المتحدة للشؤون الثقافية لعام (2019م)، وهو يأتي ضمن المنح المالية من صندوق السفراء للحفاظ على التراث الثقافي، وقد
اعتمدت اللجنة الفنية مشروع "عُمان: ترميم صور فوتوغرافية من القرن التاسع عشر الميلادي من ضمن مجموعة المتحف الوطني"، وذلك من بين مجموعة متنوعة من الطلبات الدولية القيمة.
ومن خلال العمل المشترك مع المتحف الوطني في سبيل حفظ وصون التراث الثقافي للسلطنة، فإن صندوق السفراء الأمريكيين للحفاظ على التراث الثقافي يسعى جاهدًا من أجل ترميم اللقى الأثرية والتاريخية الهامة لضمان التمتع بها والاستفادة منها حاضرًا ومستقبلًا للأجيال القادمة.
تأريخ الألبوم
تم تأريخ صور الألبوم للفترة الممتدة من (١٢٨٨-١٣٠٢هـ/ ٧١-١٨٨٥م) ، ويتكون من ٨٨ صفحة، ويحتوي على ٩٣ صورة فوتوغرافية أصلية، منها (65) صورة لعُمان، التُقِط معظمها في مسقط وما حولها، بما فيها مطرح، وينسب معظمها إلى لويس ماجواير و (3) صور على الأقل من التقاط سامويل ميلز، بالإضافة إلى أقدمِ صورٍ ملتَقَطةٍ ومعروفة لمطرح، وقلعة الرستاق، وحصن جبرين، وجبل مشط، والصور ذات مقاسات مختلفة، والغلاف الخارجي مُغطى بجلد طبيعي ونسيج، وتتضمن صفحته الأولى بعض الإهداءات من القنصل الأمريكي إلى المقيم السياسي البريطاني في الخليج، أما بقية الصفحات تتضمن تعريفات مختصرة عن كل صورة خُطت باليد من قبل المقيم السياسي البريطاني.
حالة الحفظ
بعد فحص الألبوم تبين أن هناك أكسدة بارزة على مربع النص وحدود الغلاف إضافةً لوجود طبقة من الغبار على الصور، حيث وجب الذكر أن ظروف التخزين غير الملائمة والرطوبة، أدت إلى تشوه واضح للصفحات تظهر على شكل بقع ماء، وتغيرات لونية وأضرار فنية.
وبالحديث عن حالة مربع العنوان على غلاف الألبوم، فقد تبين أن الورقة مؤكسدة وتظهر عليها بقع بنية وبصماتٍ واضحة نتيجة الملامسة اليدوية، وهذه البصمات مغطاة بكمية من الرواسب غير المتكتلة من الغبار، وبقايا الغراء المتبلورة، إضافةً إلى ظهور أضرار فنية أُخرى كالصمغ، والتمزقات والانحناءات على الحواف والزوايا، مع وجود تآكل في بعض الصفحات والصورة الموجودة على غلاف الكتاب.
مع استمرار الفحص ودراسة حالة الألبوم تبين أن الفواصل الورقية بين صفحات الألبوم مثبتةً بالصمغ، مع وجود كسر في مفصل الصفحات الأخيرة. الجدير بالذكر أن هذه الصفحات كانت ممزقة من الحواف مع وجود تأكسد وتنتشر بها بقع المياه، حيث تسببت الورقة والتي كانت مرتفعة الحموضة في الصفحة الأخيرة بأكسدة الصفحة الأولى.
كما تحتوي بطانة ظهر الألبوم على غراء متصلب ومتكسر، مما أدى إلى تضرر زوايا غلاف الكتاب وظهور خدوش على السطح، أما غلاف الألبوم فقد احتوى على بعض الخدوش على سطحه وبعض الزوايا المتضررة.
أما صور الألبوم، فقد كانت طباعة الصور تميل للتلاشي، ويغلب الاصفرار على سمتها اللونية، وتصنف بأنها ذات انعكاسٍ فضي، وتظهر على الصور بقع بنية وأكسدة ناتجة عن الصفحة المتأكسدة وبعض التمزقات الورقية مع وجود بقايا غراء.
مع البحث عن الأضرار التي أصابت الألبوم تبين أن بعض صفحات الألبوم قد قُطعت يدويًا لذلك أصبحت غير منتظمة المقاسات ومتضررة، وبعضها كان منفصلاً عن باقي الصفحات، كذلك ظهرت بعض الأضرار الفنية على الصور مثل وجود أجزاءٍ مفقودة، وخدوشٍ، وتمزقاتٍ بين الصفحات.
إجراءات الحفظ
البدء بإجراءات الحفظ بتنظيف الغلاف من خلال صنفرته بواسطة استخدام إسفنج غير مطاط مع مشرط لإزالة الترسبات الموجودة ومن ثم تنظيفه بمحلول مائي كحولي، يليه تنظيف الصفحات بفرش ناعمة وممحاة الفينيل على حد سواء وجهًا وظهرًا، وإزالة الترسبات بطريقة فنية.
بالنسبة لطبقات الأكسدة فقد تمت معالجتها أثناء عملية الترميم، وتم إزالة الغراء المتصلب باستخدام أداة ميكانيكية، إضافةً إلى عملية ترطيب وتسوية الصفحات باستخدام جهاز بخار بالموجات فوق الصوتية، كما تم إصلاح الصمغ وحشو الفتحات وتعبئة الفراغات باستخدام الورق الياباني المصبوغ بالألوان المائية.
من جانب آخر، فقد تم تنظيف الصفحة الأولى بإزالة البقع المائية وطبقات التأكسد وإعادة ترميم الألوان باستخدام ألوان الباستيل، تَلى ذلك ترميم الرباط عن طريق حشو وملئ الأقواس وذلك باستخدام الورق الياباني المصبوغ بالألوان المائية بعد غمره في مياه أيونية.
ولتنظيف الغلاف، فُصلت منه الصفحات الأخيرة ومن ثم أُعيدت مرة أخرى، حيث تم إزالة تسمية الكتاب الملصقة على الغلاف وإعادتها مرة أخرى باستخدام الأوراق اليابانية المصبوغة بالألوان المائية. واستُبدلت الصفحات الأخيرة بصفحات أخرى خالية من الفواصل الورقية المتأكسدة، ومن ثم أزيل القماش الخلفي من الطبقة العلوية، وكذلك أزيل الغراء المتصلب، ومن ثم أعيد القماش إلى مكانه باستخدام الورق الياباني الذي يتم تلصيقه باستخدام الغراء النشوي. الخطوة الأخيرة كانت إعادة تركيب الغلاف الجلدي باستخدام الورق الياباني المصبوغ بالألوان المائية، وتعبئة الخدوش، وإعادة تعبئة الفراغات الجلدية.
أما مرحلة ترميم الصور فقد بدأت بملء الفراغات وفرد الطيات وذلك باستخدام الورق الياباني لكلا الجهتين الأمامية والخلفية، وإعادة ربط حواف الصور، يليه الترميم اللوني للصور باستخدام الألوان المائية.
الجدير بالذكر، أنه منذ العام (2001م) ، دعم صندوق السفراء للحفاظ على التراث الثقافي والذي يديره مكتب الولايات المتحدة للشؤون التعليمية والثقافية أكثر من (٧٥٠) مشروعًا للحفاظ على مواقع ولقى وأنماط التراث الثقافي التقليدي في أكثر من (١٢٠) دولة، ويمثل هذا الإنجاز اسهامًا فعالاً في الحفاظ على التراث الثقافي حول العالم.