أشـارت التنقيبات الأثرية للمواقع التاريخية في سلطنة عُمان على تعاقب حضارات عريقة عبر مراحل زمنية تمتد إلى ما قبل الميلاد بأكثر من (5,000) خمسة آلاف سنة، مشكلة شواهد شامخة وآثارًا تاريخية دالة على تلك العصور والحضارات، وقد بينت المكتشفات الأثرية والإرث الفكري المدون بأن أهل عُمان سادة البحار وذو شأن في التجارة، إلى جانب إبداعهم الهندسي لنظام الري والمسمى بالأفلاج، كما كانت الهندسة المعمارية في الحضارات العُمانية فريدة ومتميزة، ونشير هنا إلى دخول الإسلام إلى عُمان طواعية وحبًا لهذا الدين الخالد، وتعرج كتب التاريخ إلى الإمبراطورية العُمانية منذ بداية عهدها وصولًا إلى العهد الزاهر والميمون للسلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور (طيب الله ثراه) الذي أضحت لعُمان في عهده نهضة يشار إليها بالبنان.
وبغرض حفظ تجليات من التراث الثقافي العُماني، والتعريف بها للأجيال القادمة، وإجراء البحوث والدراسات التاريخية والعلمية عليها، ولتكون شاهدة على عراقة الحضارة العُمانية الضاربة بجذورها في عمق التاريخ، وعملًا بالنهج الحكيم للسلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور (طيب الله ثراه) حينما أعرب عن رؤيته حيال إنشاء متحف وطني يليق بعرض التراث الثقافي لهذا الوطن العظيم، والآثار التي وُجدت على مر العصور، لتروي مجتمعة قصة وطن وشعب أبيّ خالد، تم القيام بعمل دؤوب وجهد مضنٍ لتخطيط وتصميم وإنشاء المتحف الوطني الذي نراه اليوم أمامنا، وهو يعد مؤسسة تعليمية وتثقيفية، وصرحًا علميًا ومعرفيًا يقدم قراءة للتاريخ والحضارة العُمانية، وعلاقاتها التاريخية مع حضارات ودول العالم، فإنه إضافة إلى ما يحتويه بين جنباته من نتاج عقود من الاكتشافات الأثرية والبحوث التاريخية المروية من منظور عُماني فريد، وسعيًا نحو خلق تجربة خالدة وماثلة للعُمانيين والمقيمين والزائرين، وقد تم إنشاء المتحف وفقًا لأفضل الممارسات والمعايير الدولية المعمول بها في المتاحف العالمية.
وبموقعه المتميز مقابل قصر العلم العامر في مسقط التاريخية، روح عاصمتنا الوطنية، تنقل خطوط المتحف المعمارية ذلك المزيج الرائع بين الجمال التقليدي والمعاصر الذي أصبح طابعًا مميزًا لسلطنة عُمان، ففي داخل هذه الأروقة - وما ورائها – سنستمر في حمل رؤيتنا لنصبح متحفًا عُمانيًا رائدًا يقود الصناعة المتحفية في السلطنة محققًا أهدافه التي أنشئ من أجلها، كما ويسرني أن أعبر عن خالص شكري وتقديري لأعضاء مجلس أمناء المتحف الوطني، ولفريق مشروع المتحف الوطني لمثابرتهم وإخلاصهم، والذي كان ذو أثر بالغ في تحويل هذه الرؤية إلى واقع ملموس، دمتم بكل خير وتوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.